استندت الحركة الصهيونية منذ انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بال بسويسرا عام 1897م، على ثلاث ركائز لتحقيق حلمها في السيطرة على الأرض، هي:
1) السيطرة على الأرض العربية وتهويدها، وتحويلها إلى (إسرائيل)
2) طرد السكان العرب الأصليين من أراضيهم، استكمالاً لمشروع تهويد الأرض.
3) استمرار تدفق الهجرة الصهيونية إلى فلسطين، وإحلال الصهاينة محل الفلسطينيين، أصحاب الأرض الشرعيين.
وعملت الدولة الصهيونية (إسرائيل) منذ قيامها عام 1948م، على تكريس هذه الركائز لتحقيق السيطرة على أرض فلسطين، وتجلى ذلك بسبب عدة قوانين، وتطبيقها على أرض الواقع، وأهم هذه القوانين والتشريعات:
1) قانون أملاك الغائبين: الذي سن في 15 آذار/ مارس 1950م، ومن خلاله تمت السيطرة على مساحات شاسعة جداً من أراضي فلسطين، ونقلت ملكيتها إلى الصندوق القومي اليهودي (الكيرين كايمت)، كما تمت السيطرة على أراضي الدولة.
2) قانون الأراضي البور: الصادر سنة 1949م، ويمنح وزير الزراعة الإسرائيلي حق الاستيلاء على الأراضي، وبذلك تمت السيطرة على مساحات كبيرة من فلسطين.
3) قانون الأراضي المحمية: الصادر عام 1949م، ومنح هذا القانون وزير الدفاع الإسرائيلي حق الاستيلاء على مساحات واسعة في الجليل والمثلث وقرب قطاع غزة.
4) قانون تنظيم الاستيلاء على عقارات في ساعة الطوارئ: وصدر في عام 1949م، وسيطرت بموجبه الحكومة على مساحات كبيرة بحجة دواعي الأمن العام.
5) قانون استملاك الأراضي لعام 1953م الذي منح وزير المالية الإسرائيلي صلاحية نقل الأراضي التي تم الاستيلاء عليها وفق القوانين السابقة إلى دولة (إسرائيل) عن طريق سلطة التعمير والإنشاء.
وخلال الفترة من 1984 – 1962م، سيطرت (إسرائيل) على أراضي 78 قرية فلسطينية، لكن "الكيرين كايمت" كانت تمتلك مساحات متباعدة من الجليل والمثلث ووادي عارة، فأرادت تجميعها في منطقة واحدة ومتكاملة، فظهر مشروع تطوير الجليل، والمقصود به تهويد الجليل، وكان ذلك في أعقاب حرب 1973م، وركز هذا المشروع على تأكيد الوجود الصهيوني في الجليل زراعياً وصناعياً، وتفتيت الوجود العربي، على أن يتم ذلك على مرحلتين، تنتهي الأولى عام 1980م، والثانية عام 1990م.
بدأت أولى خطوات مشروع تهويد الجليل عام 1976، عندما أقرت (إسرائيل) مصادرة 21 ألف دونم من أرض الجليل، دون تعويض أصحابها بأراضي بديلة، فكانت هذه بداية الشرارة التي بدأت الانتفاضة، التي تجلت في يوم الأرض فيما بعد.
في 30 آذار/ مارس 1976م، كانت التظاهرة في الجليل على قرار مصادرة 21 ألف دونم من أراضي عرابة وسخنين ودير حنا وعرب السواعد، وحشدت (إسرائيل) أعداداً كبيرة من الشرطة لمنع التظاهر في الجليل والمثلث، وحاولت الشرطة منعها بالقوة، فحدثت مصادمات، وبلغت حصيلة أحدث يوم الأرض ستة شهداء، جرح 49 آخرين, واعتقلت الشرطة الإسرائيلية حوالي 300 عربي وجرح من الشرطة الإسرائيلية حوالي 20 شرطياً.
ومنذ ذلك العام أصبح الثلاثون من آذار/ مارس من كل عام ذكرى يوم الأرض؛ تخليداً لصمود أهالي الجليل وتشبثهم بأرضهم، وإصرارهم على الاحتفاظ بعروبتها وعدم تهويدها.
نقف اليوم في ذكرى يوم الأرض حيارى، فأين نحن من التمسك بحقنا في أرض فلسطين (كل فلسطين)؟ وقد تم توقيع اتفاقية أوسلو؟ التي لا تمنح الشعب الفلسطيني إلا قطاع غزة وأجزاء من الضفة الغربية "التي أعيد احتلالها".
وأين نحن اليوم من يوم الأرض، ونحن نرى حكومة فياض تخلع ثوب الحياء والوطنية والعروبة، ولا تخجل من إصدار قرار يسمح للأجانب بامتلاك العقارات والأراضي في أراضي السلطة الفلسطينية، وكأن أراضي هذه السلطة أوسع من أراضي الولايات المتحدة الأمريكية، أو الاتحاد السوفييتي سابقاً.
من حقنا أن نسأل: هؤلاء الأجانب المسوح لهم بشراء الأراضي والعقارات، من يكونون؟ ومن أين سيأتون؟ هل سيأتي لنا أجانب من سيبيريا؟ أو أستراليا؟ أو اليابان؟ أو الأرجنتين؟ أم أنهم صهاينة يقيمون في مستوطنات تجثم بالقوة على أرض فلسطين على مرمى حجر من تلك الأراضي التي سيشترونها؟!
هذا واقعنا، ومدى تمسكنا بأرضنا في يوم الأرض، وأقول لفياض "منه العوض، وعليه العوض، يا فياض".