جلست أمام التلفاز أشاهد إحدى القنوات الفضائية فوجدت برنامجا حواريا في إحدى القنوات يدور موضوعه حول المفاوضات والعملية الهزلية مع إسرائيل، ومع ان الكلام كان عن المفاوضات إلا أني اعتقدت أن الموضوع هو حركة حماس والهجوم عليها لأن الضيوف كان كل همهم النيل من حماس. ولكن لنعد الى موضوع التفاوض مع إسرائيل , والحقيقة أني قررت فجأة أن أتخلى للحظات قليلة عن يقيني بأنه لا سلام مع الصهاينة وقررت مناقشة الأمر بعقلانية وواقعية ( حسب منظورهم هم ) وجلست أفكر وبحثت عن أهم المبادئ الأساسية في التفاوض وحاولت مقارنتها بالوضع الحالي الحاصل في فلسطين الحبيبة.
فنظرت إلى المبدأ الأول وهو أن يتمسك المفاضل السوي بكل ما لديه من أوراق قوة ويعمل على حمايتها وزيادتها واستغلالها أحسن إستغلال في الضغط على المفاوض الآخر وحاولت مقارنة هذا بالوضع في فلسطين فوجدت أن السلطة الفلسطينية تحاول جاهدة أن تبعثر وتضعف كل ما لديها من أوراق قوة بل وتحاول القضاء عليها نهائيا , فهي قد أعطت الضوء الأخضر لأجهزتها الأمنية الفاسدة بضرب قوى المقاومة في كل مكان بداية من قطاع غزة وانتهاء بالضفة الغربية ولكن قطاع غزة &&& عن سيطرتهم بعدما فشلت خطتهم للقضاء على المقاومة فيها فإذا بها تعيد الكرة من جديد في الضفة الغربية بلا هوادة ولا شفقة ولا قليل من عقل ومنطق , وكل هذا يحدث برعاية وتوجيه ومساعدة العدو الصهيوني وحلفائه في المشرق والمغرب , ولا أدرى ماذا ستفعل هذه السلطة بعد أن تقضى على هذه القوى المقاومة وأي ضغط ستمارسه على إسرائيل حينئذ , ثم لماذا ستقدم إسرائيل حينئذ على تقديم أي تنازلات مهما كانت بسيطة ولا قيمة لها طالما أن ما كان يخيفها ويرعبها ويقض مضاجع قادتها قد ولى ولم يعد له وجود .
إن السلطة الفلسطينية هي صهيونية أكثر من الصهاينة أنفسهم فمنذ عدة أشهر صرحت وزيرة الخارجية الصهيونية تسيبى ليفنى وقالت إن العمليات التي تقوم بها حماس ضد الجنود الصهاينة ليست عمليات إرهابية بل هي عمليات عسكرية ولكن عباس وسلطته وهم خير من يمثلون الصهاينة ويتكلمون بلسانهم يعتبرون أن اي عمل مقاوم هو عمل إرهابي .
ومن ناحية أخرى فإن هؤلاء الذين يدعون أنهم يريدون المصلحة الفلسطينية العليا أليس من الحري بهم أن يقووا صفهم الداخلي ويعودوا إلى أحضان شعبهم الأبي لكي تكون هذه ورقة ضغط أ&&& على العدو الصهيوني المتربص بهم .
ولكننا نرى على الجانب الآخر أن إسرائيل تحاول بكل ما أوتيت من قوة المحافظة على كل ما بيدها من أوراق الضغط بل واستحداث أوراق ضغط أ&&& وكذلك فهي لا تألو جهدا في القضاء على كل ما لدى الجانب الفلسطيني من أوراق ضغط .
كذلك من أهم المبادئ العامة للتفاوض أن تتعامل مع كل تنازل تقدمه ( ولو كان قليل الأهمية ) على أنه تنازل رئيسي وذو أهمية كبيرة جدا وانه حينما يتم التطرق إلى موضوع التنازلات يجب ألا يكون المفاوض متساهلا ولكن من الواضح أن السلطة الفلسطينية تريد أن تضرب بكل هذه المبادئ عرض الحائط أو أنها تريد أن تضع مبادئ تفاوضية أ&&& يبتكرها السيد محمد دحلان ومحمود عباس , فبعد أن تنازلت فتح ومنظمة التحرير عن حق المقاومة المسلحة حتى تحرير كامل الأرض , ثم تبعت ذلك بالتنازل عن 80 % من أرض فلسطين , قامت بعد ذلك بإعطاء الصهاينة الحق في احتلال فلسطين وقامت بشرعنة هذا الاحتلال , ليس هذا فحسب بل إنها قامت مشكورة بالتنسيق مع العدو الصهيوني لضرب الإخوة الأشقاء إخوة العقيدة والدماء والوطن .
هناك في سياسة التفاوض إستراتيجية هامة جدا تسمى إستراتيجية الانسحاب ( نعم فالانسحاب هو عملية تفاوضية ) هذه الإستراتيجية يتم تنفيذها حينما تكون الخسائر المتوقعة من عملية التفاوض أكبر من مكاسبها المحتملة، وحقيقة أنا ومعي كل المنصفين والمعتدلين والغيورين على أرض فلسطين لا يرون ابدا ان هناك اية مكاسب محتملة من عملية التفاوض هذه وخسائرها كارثية لا تطاق , وكذلك فهذه الإستراتيجية يتم اللجوء إليها عندما تنخفض مهارات التفاوض لدى أي من الطرفين أو كليهما أو عندما لا يمتلكون دعما قويا للاستمرار في العملية التفاوضية في الوقت الحالي , والحقيقة أن كلا الطرفين يفتقران إلى أبسط معاني الدعم والتفويض الشعبي للاستمرار في هذه المفاوضات الهزلية .
فعلى أي أساس إذن يكون الاستمرار في هذه العملية التي لا طائل منها , اللهم إلا إن كان السيد محمود عباس قد قام بوضع نظريات واستراتيجات ومبادئ تفاوضية جديدة .
إنني بعد كل هذا ازددت يقينا وتأكيدا أنه لن يكون هناك أي نوع من أنواع السلام بيننا وبين ما يسمى إسرائيل ذلك اللقيط الذي لا أصل له، ووجد في غفلة من الزمن , في وقت كان المتحكمون فيه خداما لهؤلاء الصهاينة.