رغم مضايقات الاحتلال المستمرة، إلا أن المدرسة الثانوية الإسلامية بمدينة نابلس، التابعة لجمعية "التضامن" الخيرية، أبت إلا أن تضع بصمتها المميزة في نتائج الثانوية العامة لهذا العام 2008.
فهذه المدرسة التي تأسست قبل نحو ثلاثة عقود، ارتأت هذا العام أن تهدي لمدينة نابلس المحاصرة ثلاثة من الأوائل على مستوى الوطن، من بين تسعة أوائل هي حصة محافظة نابلس لهذا العام، ومن بين هؤلاء الأوائل الثلاثة الطالب الأول على مستوى الوطن في الفرع العلمي.
واللافت في النتائج التي حققتها المدرسة الإسلامية لهذا العام، هو أن نسبة النجاح بين طلبتها كانت 100% البالغ عددهم 102 وحصد 49 طالباً منهم علامات فوق 90%، وحصل 30 طالباً آخرين على علامات فوق 80%.
وتأتي هذه النتائج بعد أيام من الهجمة الصهيونية الشرسة، التي استهدفت عدداً كبيراً من المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والخيرية والتعليمية في محافظة نابلس، من ضمنها جمعية التضامن الخيرية وفروعها بالمدينة والمدارس التابعة لها.
فقد شهدت هذه الجمعية عدة اقتحامات في الفترات السابقة، تمثلت باقتحام مقر الجمعية الرئيسي وإغلاقه لأكثر من مرة، كما أغلق فرع كافل اليتيم بالجمعية، ودوهمت كذلك المدرسة الإسلامية الأساسية للإناث التابعة للجمعية، كما دوهم مقر مستوصف التضامن الخيري وصودرت محتوياته، وصادرت قوات الاحتلال كذلك حافلتين تعودان للمدرسة الإسلامية الأساسية.
وتعرضت الجمعية لأربعة عمليات اقتحام ومداهمة خلال عام كامل تارة على يد قوات الاحتلال، وتارة على يد الأجهزة الأمنية التابعة لرئيس السلطة محمود عباس، وتارة أخرى على يد المنفلتين من حركة "فتح"، وصودرت خلال هذه الاقتحامات محتويات الجمعية بالكامل من أجهزة حاسوب وملفات وحتى معدات الكترونية وكهربائية وحتى الأبواب.
ولم تتوقف مضايقات الاحتلال للمدرسة الإسلامية عند هذا الحد، فبين الحين والآخر لا تتردد قوات الاحتلال في اختطاف بعض مدرسيها وطلبتها، سعياً منها للتأثير عليها سلباً وضرب سمعتها العلمية العالية التي حازت عليها نتيجة عقود من العمل المتواصل والدءوب.
وتقول النائب منى منصور عضو المجلس التشريعي الفلسطيني عن محافظة نابلس: "إن هذه النتائج الطيبة التي سجلتها المدرسة الإسلامية هذا العام توجه رسالة شديدة الوضوح إلى قادة الاحتلال مفادها أن مضايقاتكم وملاحقاتكم لن تجدي نفعاً أمام عزيمة وإصرار الشعب الفلسطيني".
ورأت النائب منى منصور أن استهداف الاحتلال للمؤسسات التعليمية، يندرج في إطار الاستهداف الشامل لكل مقومات الصمود للشعب الفلسطيني، وينسجم مع المضايقات المستمرة للطلبة على الحواجز العسكرية واقتحام السكنات الجامعية وملاحقة الطلبة على انتماءاتهم ونشاطاتهم الطلابية.
وتعد جمعية "التضامن" التي أغلقتها قوات الاحتلال إحدى أقدم المؤسسات الفلسطينية، التي أخذت على عاتقها العمل على خدمة المجتمع المحلي منذ العام 1956، وتأسست حينها جمعية التضامن الخيرية الاجتماعية غير الربحية الإسلامية من قبل عدد من المفكرين والعلماء الفلسطينيين الذين كان لهم السبق في تأليف جمعية خيرية، واعتبرت الجمعية من الجمعيات الفاعلة وخصوصا بعدما حازت على ترخيص من الدوائر المعنية منذ نشأتها، حيث نشطت اجتماعياً وتعليمياً وأكاديمياً في محافظة نابلس.