كشف مواطنون فلسطينيون من قرية كفر قدوم ، في محافظة قلقيلية ، شمال الضفة الغربية المحتلة ، النقاب عن أن جيش الاحتلال أعاد بناء البؤرة الاستيطانية العشوائية القائمة على أراضي القرية ، بعد ساعة من إخلائها أمام الصحافة ووسائل الإعلام .
وكان وزير الجيش الإسرائيلي تعهد لوزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس لدى زيارتها للمنطقة الشهر الماضي، بتفكيك بعض البؤر الاستيطانية العشوائية، بالإضافة إلى إزالة عدد من الحواجز العسكرية في الضفة الغربية.
وقال سكان البلدة في أحاديث منفصلة لـ"فلسطين":" إن جيش الاحتلال أقدم على إخلاء البؤرة الاستيطانية المقامة على أنقاض منزل وأراض في المنطقة الجنوبية لقرية كفر قدوم، في محافظة قلقيلية، تعود ملكيته للمواطنة بدرية عبد الغني صالح عامر(60عاماً)، حيث تبلغ المساحة الإجمالية للمنشأة والأرض 35 دونماً استولى عليها المستوطنون بالقوة عام 2006م لقربها من الطريق الالتفافي رقم ' 55' .
وفي أعقاب إخلاء مستوطنة ' كدوميم' هرع سكان قرية كفر قدوميم إلى المكان، وذلك بهدف تثبيت وجود البيت و حمايته من أطماع المستوطنين من جديد، إلا أن المفاجأة كانت بعد ساعة من عملية إخلاء المنزل ( البؤرة الاستيطانية) وبعد مغادرة الصحافة المحلية والأجنبية .
كما عمد جنود الاحتلال إلى إدخال عدد من المستوطنين من جديد، ومن ثم قيامهم بالتنكيل بالمتضامنين الأجانب وطردهم من المنزل، وإعادة احتلاله مرة أخرى ثم الشروع بأعمال توسيعية، كما وأضافوا عدداً من الأسيجة في محيط المنزل، ورفعوا علم الاحتلال عليه من جديد.
وأكد السكان أن جيش الاحتلال لم يكتفِ بذلك، بل قام بأعمال تجريف في محيط المنزل بهدف إضافة عدد من البيوت المتنقلة هناك، علماً بأنه صدر 3 قرارات بخصوص المنزل من قبل الجهات القضائية الإسرائيلية، بناء على التماسات فلسطينية، ضرورة إخلاء المنزل من قبل المستوطنين، وذلك خلال الفترة الممتدة من عام ( 1982 – 2008) .
أقيم قبل الاحتلال :
وقالت الحاجة بدرية لـ"فلسطين": قمنا ببناء منزلنا في عام 1963 - أي قبل هزيمة حرب عام 1967م - حيث كان يعتبر مأوى لعائلتنا المكونة من 9 أفراد، وهو مكون من طابق واحد، بالإضافة إلى مخزن بمسطح 125م2.
واضافت:" بعد حرب عام 1967م، اضطررنا إلى الرحيل إلى داخل القرية هرباً من بطش جنود الاحتلال، لكننا بقينا نزور منزلنا و نفلح الأرض المحيطة كالعادة، و في عام 1982م وأثناء توجهنا إلى فلاحة أرضنا تفاجأنا بقيام مستوطنين من مستوطنة 'كدوميم' بتحويل غرف المنزل إلى مخزن للمواشي، مما دفعنا ذلك إلى تقديم اعتراض إلى السلطات القضائية الإسرائيلية، والتي حكمت بإخلاء المنزل من قبل المستوطنين.
وتابعت قائلة :" بالفعل تم إخلاؤهم من المنزل، إلا أن أعمال التحرش بنا من قبل المستوطنين استمر حتى عام 2006م حيث تفاجأنا بقيام المستوطنين بالاستيلاء على المنزل مرة أخرى وتحطيم محتوياته، بالإضافة إلى قيامهم بعمل إضافات للمنزل لتغيير معالمه علاوة على تلويث الخزان المائي التابع للمنزل، هذا وقام المستوطنون بتسمية المنطقة ((بنواة مستوطنة شفوت عامي)).
بؤرة استعمارية :
وأشارت الى أن ذلك الاجراء يدلل على أنهم بالفعل معنيين بتحويل المنزل والأرض إلى بؤرة استعمارية لتكون مقدمة لبناء وتأسيس مستوطنة في المنطقة، وقمنا من خلال منظمة 'يشدين الإسرائيلية' بتقديم دعوى لإخلاء المنزل، و بعد خمسة جلسات متتالية مع المحكمة الإسرائيلية في 'بيتح تكفا'، وفي بداية شهر آذار عام 2008م حكمت المحكمة الإسرائيلية بإخلاء المنزل من قبل المستوطنين وتم بالفعل إخلاؤهم.
وأوضحت انه بعد يومين من الإخلاء عاود المستوطنون إلى الاستيلاء على المنزل، حيث قدم المستوطنون استئنافاً ضد قرار إخلائهم من المنزل أو 'النواة الاستيطانية' حسب زعمهم، لافتة الى انه تم التأجيل بالبت في موضوع المنزل إلى شهر تموز من عام 2008م حتى يتسنى للمستوطنين تجهيز الأدلة والإثباتات التي يمتلكونها، إلى أن جاءت زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية وقيام جنود الاحتلال بمسرحية إخلاء البؤر الاستيطانية على حساب منزلنا، ومن ثم عادوا له من جديد.'
محط أطماع :
تعتبر قرية كفر قدوم الواقعة إلى الجهة الشرقية من مدينة قلقيلية و البالغ مساحة أراضيها الزراعية نحو 20 ألف دونم، محط أطماع سلطات الاحتلال بسبب موقع القرية الاستراتيجي، ووقوع معسكر الجيش الأردني القديم في تلك المنطقة، حيث أقدمت سلطات الاحتلال على تحويل ذلك المعسكر إلى نقطة عسكرية لقوات الاحتلال بعد حرب عام 1967م و بعد ذلك في عام 1975م تم تحويل معسكر الجيش التابع للاحتلال إلى مستوطنة سميت فيما بعد باسم مستوطنة 'كدوميم'.
وتقع مستوطنة كدوميم على أنقاض معسكر الجيش الأردني القديم في الجهة الغربية والجنوبية من القرية، حيث تأسست في عام 1975، وتبلغ مساحتها نحو 1090 دونماً من أراضي كفر قدوم وقرية جيت المجاورة، ويقطن بها 3290 مستوطناً، حيث يوجد بها اليوم معهد ديني بالإضافة إلى عدد من المزارع يستغلها المستوطنون في الزراعات الحقلية لديهم، بالإضافة إلى مزرعة لتربية الخيول، علاوة على انه كان يوجد في المستوطنة لغاية عام 2006م مقر الارتباط والتنسيق الإسرائيلي المسؤول عن منطقة قلقيلية وسلفيت.
يذكر أن سلطات الاحتلال أقدمت على السيطرة على التلال المجاورة للمستوطنة من الجهة الشمالية بطريق الخداع، لتؤسس في عام 1982 نواة مستوطنة 'كدوميم عيلت"، وصادرت من أجل ذلك ما مساحته 533 دونماً من أراضي كفر قدوم، حيث يقطن بها اليوم نحو 300 مستوطن.
كما أن مجموعة من المستوطنين قاموا بالاستيلاء على قطعة ارض في سفح جبل محمد شرق القرية عام 2000م لينشئوا نواة استعمارية سميت فيما بعد بمستوطنة ' هار حميد' لتصادر حتى اليوم نحو 100 دونم من أراضي القرية.
تهديد يومي للسكان :
وفي دراسة أعدها مركز أبحاث الأراضي حول التأثير البيئي للمستوطنات القائمة على أراضي قرية كفر قدوم ، اعتبر المركز تجمع مستوطنات 'كدوميم' منذ نشأتها عام 1974 مصدر أرق وتهديد يومي على الأرض والإنسان الفلسطيني في المنطقة، حيث يطال أثرها السلبي شتى جوانب الحياة المختلفة،
ففي الجانب البيئي: تعتبر مستوطنات 'كدوميم' عامل مهم في تلويث الأراضي الزراعية والتسبب في حدوث الكثير من الأمراض و خاصة الجلدية منها بسبب مخلفات المجاري التي تصدر من تلك المستوطنات التي تصب في أراضي القرية من الجهة الشمالية الشرقية في المنطقة المعروفة 'بالخوارج' حتى وديان قرية بيت ليد.
ومن الجهة الجنوبية في المنطقة المعروفة بوديان قرية حجة مسببةً في تلوث ما يزيد على 300 دونم من أخصب الأراضي الزراعية في القرية والقرى المجاورة و المشجرة بأشجار الزيتون الرومي، حيث يشار هنا إلى أن سلطات الاحتلال تمنع مواطني القرية من الاقتراب من تلك المنطقة حتى موظفي وزارة الصحة والزراعة منعوا من الوصول إلى تلك المنطقة.
ويتهم سكان القرية ، سلطات الاحتلال بشن حرب ديمغرافية على سكان القرية ، حيث تمنعهم سلطات الاحتلال، من التوسع في السكن خاصة في الجهة الشرقية من القرية، مما يهدد بحدوث أزمة سكن كبيرة في القرية مستقبلا، حتى شبكة الكهرباء في القرية لم يسمح الاحتلال بإيصالها للقرية علماً بأن محول الكهرباء و أعمدة الضغط العالي موجودة وتم تمويلها من الحكومة البلجيكية، حيث يبرر الاحتلال ذلك بقربها من المستوطنة المذكورة .
من أخصب الأراضي :
ويقول سكان القرية :" إن سلطات الاحتلال تمنعهم من الاقتراب من الأراضي الزراعية القريبة من تجمع مستوطنات 'كدوميم' والتي تعتبر هذه الأراضي من أخصب الأراضي الزراعية في المنطقة، حيث يعتمد 55% من سكان القرية على هذه الأراضي في مصدر رزقهم.
ورغم قيام سلطات الاحتلال بإعطاء تصاريح للمزارعين خاصة، لقطف الزيتون، خلال موسم الزيتون كما حدث في العام الماضي، إلا أنه فعلياً، يقوم جيش الاحتلال بطرد أصحاب الأراضي من أراضيهم، بحجة انتهاء الوقت المحدد أو أن المزارعين الفلسطينيين يتسببون بالإزعاج للمستوطنين.
ولم تكتف سلطات الاحتلال بمصادرة غالبية أراضي القرية، بل يقوم جيش الاحتلال والمستوطنون بتنظيم حملات ضد أهالي القرية، من خلال حملات الاعتقال اليومية ومطاردة الأهالي والتنكيل بهم بالإضافة إلى بث روح الخوف و القلق على مصيرهم في تلك البقعة من الأرض.