اللقطة
ماذا يجب علي المسلم إذا وجد شيئا :
المسلم حريص علي أموال المسلمين ، فإذا وجد شيئا في الطريق مثلا ، و خاف عليه من الضياع أخذه ، و سأل عن صاحبه في المكان الذي وجده فيه أو في الأماكن التي يجتمع الناس فيها كالسوق أو علي أبواب المساجد ، أو يعلن عنه في وسائل الإعلام .
واذا لم يخف علي الشيء فيجب عليه تركه مكانه ، ولا يجوز له أخذه ، و لا يعتبر لقطة ، فإذا ترك طالب كتابه في الفصل ، و وجده احد زملائه ، فعليه تركه مكانه لأن صاحبه إذا رجع سيجده .
أحكام اللقطة :
علي الملتقط الذي يلتقط الضالة أن يحفظها في مكان أمين ، و أن يعتبرها أمانة أو وديعة عنده ، فإن أهمل في حفظهما وضاعت ، أو تلفت ؛ وجب عليه تعويض صاحبها إن ظهر لهما صاحب ، فإذا لم يظهر للضال صاحب ، جاز للملتقط أن يتصدق به أو أن ينتفع به لنفسه ، فإذا ظهر صاحبه بعد الانتفاع به لا يجوز له طلب التعويض عنها .
و لا يجوز للملتقط الانتفاع بالضالة قبل مرور سنة من تعريفه للناس بأمرها ذهبا أو نقودا إذا كانت ذات قيمة كبيرة ، فقد روي أن رجلا سأل الرسول ? عن اللقطه ، فقال ( :"اعرف عفاصها (وعاءها) ووكاءها (الخيط شد به الكيس) ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها" [البخاري].
أي عليه أن يعرف أوصافها ثم يخبر الناس بأمرها ، فإذا جاء صاحبها أعطاها له، وإن لم يأت في خلال سنة، فله أن يتصرف فيها، فينتفع بها أويجعلها صدقة.
وورد أن أبي بن كعب -رضي الله عنه- قال: وجدت صرة فيها مائة دينار ، فأتيت النبي ( فقال:"عرفها حولا (سنة)". فعرفتها حولا فلم أجد من يعرفها، ثم أتيته فقال:"عرفها حولا". فعرفتها فلم أجد، ثم أتيته ثلاثا، فقال:"احفظ وعاءها وعددها ووكاءها، فإن جاء صاحبها، وإلا فاستمتع بها" [البخاري والترمذي].
وقوله:"فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها" معناه: إن لم يظهر لها صاحب، فلك أن تنتفع بها كما تشاء.
إذا كانت اللقطة شيئًا قليل القيمة:
إذا كانت الضالة شيئًا قيمته بسيطة، واعتقد ملتقطه أن صاحبه لن يسأل عنه، أعلم الناس بها، فإن لم يظهر لها صاحب في خلال ثلاثة أيام، جاز له الانتفاع بها، فإن عرف صاحبها، فعليه ردها،فعن علي-رضي الله عنه-أنه وجد دينارًا، فأعطاه فاطمة، فسألت عنه رسول الله ( فقال :"هو رزق الله عز وجل فأكل منه رسول الله" وأكل علي وفاطمة، فلما كان بعد ذلك أتته امرأة تنشد الدينار، فقال الرسول ( :"يا علي، أدِّ الدينار" [أبو داود].
ومن وجد شيئًا يسيرًا؛ فليعرفه ثلاثة أيام، فعن يعلي بن مرة قال: قال رسول الله ( :"من التقط لقطة يسيرة؛ درهمًا، أو حبلاً أو شبه ذلك، فليعرفه ثلاثة أيام، فإن كان فوق ذلك؛ فليعرفه سنة" [أحمد].
إذا كانت اللقطة شيئًا لا قيمة له:
وإذا كان الشيء الملتقط لا قيمة له كالسوط والحبل وأشباهه جاز أخذه والانتفاع به،فقد روي عن جابر -رضي الله عنه- قال: رخص لنا رسول الله ( في العصا والسوط والحبل وأشباهه، يلتقطه الرجل ينتفع به [أحمد وأبو داود]. وسر هذا الترخيص أن هذه الأشياء قيمتها بسيطة وصاحبها عادة لا يسأل عنها إن فقدها.
إذا كانت اللقطة طعامًا:
إذا كانت اللقطة طعامًا، جاز لمن يجده ألا يسأل عن صاحبه، وجاز له أن يأكله، فقد روي عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي ( مر بتمرة في الطريق فقال:"لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها" [متفق عليه].
وفي ذلك إشارة إلي أنه يجوز للرجل أن يأكل اللقطة التي يجدها في الطريق إن كانت طعامًا دون أن يبحث عن صاحبها، فامتناع النبي عن أكلها، إنما كان لخوفه من أن تكون من الصدقة، لأن الصدقة لا تجوز للنبي وآل بيته.
إذا كانت الضالة غنما :
إذا كانت الضالة غنما ، جاز أخذها لأنها ضعيفة ، و قد تهلك أو تفترسها الوحوش إن تركت. فقد سئل النبي ( عن ضالة الغنم، فقال:"لك أو لأخيك أو للذئبŒ" [البخاري]. أي: أنك إن لم تأخذها أخذها غيرك، وإن لم يأخذها غيرك أخذها الذئب ، و ضاعت سدي بلا فائده .
و علي ملتقط ضالة الغنم تعريف الناس بها لمدة سنه ، و إذا مر العام دون أن يسأل عنها أحد جاز له أن يبيعها، وإن جاء صاحبها قبل مرور العام أعطاها له. وله أن يطالب صاحبها بما أنفقه عليها من طعام وشراب ورعاية إلا أن تكون رعايته لها، ونفقته عليها نظير الانتفاع بها، كأن يشرب لبنها، أو ينتفع بشعرها.
ضالة الإبل:
إذا كانت الضالة إبلا لم يجز للملتقط أخذها، لأنها ليست ضعيفة كالغنم يخشي عليها الهلاك، وإنما هي قادرة علي حماية نفسها، وقادرة علي الحصول علي الطعام والشراب بنفسها. وقد سئل ( عن ضالة الإبل فقال: "دعها، فإن معها حذاءها (الخف) وسقاءها، ترد الماء، وتأكل الشجر حتى يجدها ربها (صاحبها) [متفق عليه].
وأما إذا كانت الإبل الضالة في صحراء لا يوجد بها ماء أو عشب، أو بها وحوش مفترسة يخاف عليها فيها، جاز أخذها و بيعها و اعطاء ثمنها لصاحبها عندما يسأل عنها . وقد رأي ذلك عثمان بن عفان -رضي الله عنه- و كان ذلك يحدث في عهده ، او أن يضعها ملتقطها في مكان خاص بها ، فإن جاء صاحبها أخذها وإن لم يأت صارت مالا للمسلمين ، كما رأي ذلك علي -كرم الله وجهه- و كان ذلك يحدث في عهده .