العارية
الإعارة هي تمليك شيء يملكه فرد أو هيئة لآخر ، لينتفع به دون مقابل ؛ كأن يأخذ رجل كتابا من مكتبة ليقرأه و يعيده دون أجر علي ذلك .
و لقد دعا الرسول ( إلي أن يعير المسلم أخاه حاجته، فقال:"ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي حقها إلا أقعد لها يوم القيامة بقاع قرقر (مستوٍ علي الأرض) تطؤه ذات الظلف بظلفها ، و تطحنه ذات القرن بقرنها ، ليس فيها يومئذ جماء ولا مكسورة ، قلنا: يارسول الله، ما حقها؟ قال: إطراق حملها ، و إعارة دلوها ، و منحها و جلبها علي الماء ، و حمل عليها في سبيل الله [البخاري].
و للاستعارة الصحيحة شروط ، منها :
1- أن تكون بدون مقابل .
2- ان يكون المعير عاقلا بالغا مدركا .
3- أن يكون الشيء (المعار)حلالا ، فلا يجوز أن يعير الرجل رجلا آخر حريرا ليلبسه ؛ لأن لبس الحرير محرم علي الرجال ، الا إذا كان لعذر ، كأن يكون به حكة أو جرب.
4- أن تكون الإعارة في الأشياء التي لا تهلك بالاستعمال ، فلا يستعير احد طعاما ؛ لأنه يهلك بالاستعمال.
5- أن يكون المعير مالكًا للشيء أو معه إذن من صاحبه بالتصرف فيه.
6- ألا يحدد المعير أجلًا معلومًا، فإذا لزم ذلك فلا مانع من تحديد الوقت، كما تفعل المكتبات العامة في إعارة الكتب.
إن اشترط المعير الضمان لعاريته؛ ضمنها المستعير إن أتلفها، لقوله (:"المسلمون علي شروطهم" [أبو داود والحاكم].
فإن لم يشترط، وتلفت بدون قصد ولا تفريط، فلا يجب ضمانه، وإن كان يستحب الضمان، لقوله ( لإحدي نسائه وقد كسرت آنية الطعام:"طعام بطعام، وآنية بآنية" [البخاري]، فإن أتلفها مع ضمانها؛ وجب مثلها أو قيمتها، لقوله (:"علي اليد ما أخذت حتى تؤديه" [أبو داود والترمذي].
ماذا ينبغي علي المعير والمستعير ؟
ينبغي علي المسلم أن لا يبخل بإعارة ما عنده لأخيه المسلم، مادام لا يخشي الضرر، لأن إعارة المسلم ما يحتاج إليه من التعاون علي البر والتقوي الذي أمر الله تعالي به. قال تعالي: (وتعاونوا على البر والتقوى)[المائدة: 2]. وقد عاب الله علي الذين يمنعون ما يملكونه عن غيرهم، فقال تعالي: (ويمنعون الماعون)[الماعون: 7].
كما يجب علي المعير أن يتخير الأوقات التي يطلب فيها الشيء الذي أعاره لأخيه، فلا يطالبه به في الطريق أمام الناس؛ حتى لا يجرح مشاعر أخيه، كما أن عليه ألا يَمُن علي أخيه بما أعاره له، حتى لا يضيع أجره، وأن يطلب حاجته في أدب وتواضع.
وينبغي علي المستعير أن يحافظ علي الشيء الذي استعاره ( العاريه ) ، فإن أهمل في الحفاظ عليه، لزمه أن يعوض أخاه عن الشيء الذي اتلفه . و عليه أن يرده إلي أخيه في الميعاد الذي حدده معه ولا يمنعه عن صاحبه ، لأن هذا نوع من السرقة الفاجرة ، وقد قال تعالي: (إن الله يأمرُكم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) [النساء:58].
ولا يجوز للمستعير أن يؤجر ما استعاره ، و لكن يجوز له اعارته بشرط رضا المعير له .