الميلاد والنشأة:
ولد الشهيد القائد زاهر الأشقر عام 1977 في الكويت، وترتيبه الثاني بين إخوته، عادت عائلة الشهيد من الكويت بعد حرب الخليج إلى قرية صيدا وأكمل دراسته في مدارس القرية حيث أنهى المرحلة الثانوية في مدارس القرية، والتحق في جهاز البحرية الفلسطينية، ولكنه لم يستمر طويلاً حيث استقال وانضم إلى والده ليعمل معه في الحدادة ليساعده في تحمّل الأعباء.
جهاده:
كان الشهيد منذ نعومة أظفاره متعلق بحب فلسطين، يحلم في اليوم الذي يصبح فيه رجلاً قادراً على حمل السلاح ليأخذ دوره في الدفاع عن كرامة المسلمين، ومع اندلاع انتفاضة الأقصى انضم شهيدنا القائد إلى حركة الجهاد الإسلامي وأخذ يشارك في فعاليات الانتفاضة وفي المشاركة بالمسيرات وجنائز الشهداء، ومع استشهاد الشهيد القائد اسعد دقة، أثّر وداع القائد في نفسه فأصر على الانضمام إلى سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، فوافقت قيادة السرايا على طلبه لما كان يتمتع به الشهيد من فطنة وسرعة بديهة، حيث كانت إمارات القيادة ظاهرة على شخصيته، فكان مثال الجندي المسلم الذي باع نفسه رخيصة في سبيل الله، فشارك مع إخوانه أنور عبد الغني وأحمد عجاج في العديد من العمليات والاشتباكات، وتعرّف على الشهيد القائد إياد صوالحة، وتعلّم منه الكثير في الإعداد والتخطيط.
وكان الشهيد مثالاً للعمل السري حيث كان يمارس نشاطه العسكري بالسر حتى عن اقرب الناس إليه، حتى اعتقال احد أفراد مجموعته، حيث كان الشهيد القائد زاهر قد وطّن نفسه بالتقوى والإيمان لمثل هذه اللحظة، وابتدأ حياة جديدة، فأصبح من أكثر المطلوبين الذين يشكلون هاجساً قوياً للدولة العبرية.
وبتاريخ (12/3/2003)، داهمت قوات كبيرة من قوات الاحتلال قرية صيدا مدعومة بالطائرات والدبابات، فقامت مجموعة من مجاهدي السرايا بمهاجمة القوة فقتل الشهيد رامي الأشقر ضابطين صهيونيين وأصاب آخر قبل أن ينال الشهادة، وتمكنت قوات الاحتلال من اعتقال القائد أحمد فنة، واستمرت الحملة على القرية 3 أيام بلياليها فتشت فيها قوات الاحتلال جميع البيوت واحتجزت الأهالي في مدرسة القرية بحثاً عن المطاردين وعلى رأسهم زاهر الأشقر، ولمّا لم تصل إلى نتيجة قامت بهدم منزل الشهيد انتقاماً من ذويه، وبعد انسحاب قوات الاحتلال من القرية &&& جميع الأهالي في تشييع جثمان الشهيد رامي الأشقر ومواساة والد الشهيد زاهر، ومع وصول الشهيد زاهر هو وإخوانه المجاهدين وانضمامهم إلى موكب التشييع تحلّق الأهالي حولهم وحملوهم على الأكتاف واخذوا يهتفون: "يا سرايا وين الرد.. للمستعمر حطي حد، يا جهاد عيد عيد... ديزنغوف وبيت ليد"، حيث عاهد الشهيد زاهر الشهيد رامي الأشقر على الثأر لدمائه الطاهرة ولتتعالى أصوات التكبير مع زخات الرصاص.
لم تكن هذه هي المرة الوحيدة التي حاولت فيها قوات الاحتلال اعتقاله أو اغتياله فبتاريخ 2 رمضان من العام 1423 هـ تسللت القوات الصهيونية الخاصة إلى قرية صيدا وقامت بمحاصرة احد البيوت ساعة الإفطار في محاولة منها لاعتقال زاهر هو وإخوانه المجاهدين لكن بفضل الله تمكن المجاهدون من الانسحاب بسلام واستشهد في العملية الشهيد المجاهد محمد عبد الغني، فارس الجماعة الإسلامية في جامعة القدس المفتوحة.
الشهادة:
يوم الخميس الموافق (29/7/2004)، وبعد منتصف الليل ببضع ساعات لم يكن زاهر قد استسلم للنوم، كان قائماً في محراب الله يقوم الليل ويتبتل إليه تبتيلا، يدعو ربه بعيون دامعة، وقد تنبّه إلى حركة غير طبيعية، فأيقظ إخوانه المجاهدين وأمرهم بأخذ الحيطة والحذر، وعند التأكد من وجود أعداء الله، أصر أن يقوم بالتغطية على إخوانه اثناء انسحابهم، فعانقهم العناق الأخير بعد أن أوصاهم بمواصلة الجهاد، وواعدهم على اللقاء عند المصطفى r على حوض الكوثر، وأطلق العنان لرصاصه لينهمر فوق رؤوس الغزاة كالمطر، وتعالت تكبيراته في الأفق، فأصاب من الصهاينة العديد كما أفاد شهود العيان، وأخذ الجنود يصرخون خوفاً من الرصاص المبارك، واستمر الاشتباك لعدة ساعات لم تستطع قوات الصهاينة النيل من شهيدنا إلا بعد قصف المنزل لتصيبه بجروح وتقوم بتصفيته بإطلاق الرصاص بفمه عن قرب.
وزفت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي قائدها الميداني في محافظة طولكرم: الشهيد القائد زاهر عيسى الأشقر (28 عاماً)، ابن قرية صيدا عرين الجهاد والاستشهاد قائد سرايا القدس في محافظة طولكرم.
وأكدت سرايا القدس أن دماء الشهداء لن تزيدها إلا قوةً وإصراراً على المضي قدماً في طريق الجهاد والاستشهاد من أجل إعلاء كلمة الله خفاقة فوق كل الجبابرة والطغاة، وأنها لن تحيد عن درب الشهداء قيد أنملة.
وخاطب بيان السرايا الشهيد قائلاً: «أما أنت يا شهيدنا القائد فحق لك أن تترجل عن جوادك بعد سنوات طوال من الكر والفر، هنيئاً لك لقاء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وإخوانك الشهداء أنور عبد الغني وأحمد وعزمي عجاج ومحمد عبد الغني ورامي الأشقر وكل الشهداء الأبطال».
وشيّعت جماهير محافظة طولكرم في الضفة الغربية جثمان الشهيد.
وانطلق موكب التشييع من أمام "مستشفى د. الشهيد ثابت ثابت الحكومي" في طولكرم، حيث كان يرقد جثمانه الطاهر هناك.
وجاب الموكب شوارع المدينة المختلفة، ثم اتجه نحو بلدة صيدا، حيث كان في انتظاره هناك أهالي البلدة والقرى والبلدات المجاورة، وهناك حمل على الأكتاف وصُلي عليه في مسجد صيدا القديم، ومن ثم ووري جثمانه الثرى في مقبرة الشهداء الغربية في البلدة.
وحمل المشاركون الغاضبون صور الشهداء وأعلام حركة الجهاد الإسلامي، ورددوا الهتافات، الداعية للانتقام للشهداء، واستمرار الانتفاضة حتى فلسطين برمتها من نير الاحتلال الصهيوني.
وترجل الفارس عن جواده ولسان حاله يقول: ﴿وعجلت إليك رب لترضى﴾
رحمك الله يا شهيدنا... وأسكنك فسيح جناته..