ستون عاما مرت على مأساتنا ومأساة إخواننا في فلسطين , ستون عاما مرت على اغتصاب الأرض الطاهرة أرض فلسطين , ستون عاما مرت طغى فيها بنو القردة والخنازير , فقتلوا الرجال وذبحوا الأطفال وانتهكوا حرمات النساء وانتهكوا حرمات الله , ارتكبوا فيها المجازر والمذابح وأشعلوا فيها المحارق وأمتنا غافلة , نائمة تغط في سبات عميق , لا لها عين تبصر , ولا أذن تسمع , ولا عقل يفكر , ولا قلب ينبض , كأنها حجر لا يتحرك , ستون عاما على تأسيس دولة الإرهاب والإجرام الصهيوني , في كل يوم تسيل فيه دماء مسلمة على أرض فلسطين منذ ستين عاما , فيا لها من مصيبة ويا لها من كارثة .
هذه هي مأساتنا وقضيتنا الكبرى , قضية فلسطين والأقصى والقدس واللاجئين , قضية الكرامة والعزة , قضية الأرض والدين والعقيدة , منذ ستين عاما وكرامتنا مهانة وعزتنا مسلوبة وهيبتنا ضائعة , لأن القدس هي رمز عزتنا فإن كانت القدس عزيزة فأمتنا ستكون عزيزة وإن كانت القدس أسيرة فأمتنا هي أيضا أسيرة , وهذا ثابت على مر التاريخ منذ أن فتح الله على المسلمين بيت المقدس في عهد أمير المؤمنين وخليفة المسلمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه .
بعد ستين عاما ننظر إلى شعبنا الفلسطيني فنجده مبعثرا في بقاع الأرض في لبنان وسوريا والعراق والأردن ودول أوروبا وكندا وأمريكا , بينما الجبناء من أحفاد القردة والخنازير أتوا من بلاد الله الواسعة ليعيشوا في فلسطين وليجعلوها موطنا لهم , وليمنعوا عودة أصحاب الأرض إلى أرضهم .
إننا نتألم حينما نرى أناسا ينتسبون إلى فلسطين ويسمون بالقادة والزعماء يرتمون في أحضان الصهاينة ونجدهم يتبادلون معهم القبلات الحارة أمام وسائل الإعلام ويتآمرون على شعبهم وأهلهم من أجل إرضاء أذل أمم الأرض , وبينما هم كذلك يرفضون أن يجلسوا مع إخوانهم بني جلدتهم ليتحاوروا .
نتألم حينما نجد أبناء السلطة الفلسطينية يوجهون فوهات بنادقهم أمريكية الصنع إلى أبناء حماس وأبناء المقاومة بأوامر من بوش ورايس وأولمرت , وحينما يقوم المجرمون باقتحام المدن الواقعة تحت سيطرتهم يدخلون جحورهم كالفئران ولا نسمع لهم صوتا .
نتألم حينما نجد الدول العربية والإسلامية تسير في الركب الصهيوأمريكى يحاصرون إخوانهم ويمنعون عنهم الطعام والدواء والكهرباء والوقود ثم يصدرونه إلى العدو الصهيوني برخيص الثمن , ثم بعد ذلك يتهمونهم بالخيانة والعمالة والتطرف والإرهاب .
إننا بعد ستين عاما من جريمة اغتصاب أرض فلسطين على أيدي عصابات بني صهيون الجبناء ننظر إلى فلسطين التي نعرفها من النهر إلى البحر , كاملة غير منقوصة , وكلنا أمل في نعيش حتى نرى ذلك اليوم الذي تصبح فيه القدس حرة عزيزة شامخة أبية , وكلنا أمل أن يكتب الله لنا أن نسجد له على أرضها الطاهرة الشريفة ونحمد سبحانه على نعمه الكثيرة وأن نقبل هذه الأرض لتعلم أننا ما نسيناها يوما وأنها دائما في قلوبنا وعقولنا , كلنا أمل أن نكون ممن يحملون السلاح لطرد الغاصبين المحتلين .
كلنا أمل في أن تنهض حركات المقاومة من جديد خاصة حركتي حماس والجهاد اللتين قدمتا خيرة رجالهما وقادتهما فداء لدين لله ولهذه الأرض المباركة , وكلنا أمل في أن يفيق شعبنا الفلسطيني الذي قدم كل ما يملك فداء لدين الله ولأرضه , نأمل أن يفيق هذا الشعب من غفلته ويعرف أنه لا سلام مع دعاة الحرب والإجرام الصهيوني , نأمل أن يتيقن هذا الشعب أن السلام هذا ليس إلا ألعوبة من ألاعيب الصهاينة وخدعة من خدعهم لتفريق الصف وتشتيت القوى , نأمل من هذا الشعب أن يقف وقفة من أجل مصلحته من أجل مستقبله وكرامته , من أجل أبنائهم وأحفادهم , نأمل منهم أن ينبذوا هذه الشرذمة التي تتحكم في مصالحهم ومستقبلهم , وأن يقفوا مع المجاهدين والمقاومين الشرفاء أصحاب القلوب الطاهرة المؤمنة وأصحاب الأيدي المتوضئة والقامات الراكعة والجباه الساجدة .
كلنا أمل في أن تستيقظ شعوب أمتنا العربية والإسلامية من نومها وسباتها لتسمي الأشياء بمسمياتها الصحيحة وألا تخلط بين الأمور , وأن تتعامل مع قوى المقاومة الفلسطينية باعتبارها قوى مستقلة غير تابعة وليست امتدادا لقوى خارجية خاصة حركة حماس التي يعاملها البعض باعتبارها جزءا من جماعة الإخوان المسلمين , نأمل أن تعرف أمتنا ماهية دورها وواجبها تجاه فلسطين , وألا تتحجج بحجج واهية كأن يقال ( هما بيقتلوا بعض إحنا مالنا ) أو ( هما اللى باعوا أرضهم ) نريد منهم أن يعرفوا أن الذين قتلوا وذبحوا وأحرقوا إنما فعل بهم هذا لأنهم لم يستجيبوا للصهاينة ولم يبيعوا شبرا واحدا من أرضهم .
وأما حكام أمتنا وملوكها فهؤلاء نأمل منهم أن يكونوا على قدر المسؤولية , أن يكونوا رجالا لا نعاجا وأن يعلموا أنه لا أمريكا ولا إسرائيل ولا أحد في الكون كله سيستطيع أن يكسر شعب فلسطين المسلم وقواه الحية المقاومة , وأن أمامهم خيارين اثنين لا ثالث لهما إما الوقوف مع الشعب وإرادته الحقيقة وهى المقاومة وإما الوقوف مع الصهاينة والأمريكان وحينئذ سيدفعون الثمن غاليا في الدنيا والآخرة.