صرح السيناتور الأمريكي باراك أوباما متعهداً بضمان تفوق " إسرائيل " العسكري النوعي في الشرق الأوسط وقدرتها على الدفاع عن نفسها معتبرا أن إيران تشكل التهديد الأكبر لإسرائيل والمنطقة. ولم يكتف بذلك القدر من التصهين الخطابي لنيل الأصوات اليهودية والمسيحية المتصهينة الأمريكية في حملته الانتخابية. هذا بعدما تأكد فوزه في السباق مع هيلاري كلنتون. مع العلم أنه لا يوجد فروقات كبيرة بينها وبينه فيما يخص الموقف من القضية الفلسطينية.
أوباما قال وشدد على ذلك في كلمته أمام جماعة الضغط اليهودية (إيباك) أن " أمن إسرائيل أمر مقدس غير قابل للتفاوض وأن القدس ستبقى عاصمة لها مؤكدا أن من يهدد إسرائيل يهدد أميركا وأن الصلة بين البلدين لا يمكن كسرها اليوم ولا الغد وإلى الأبد".
أوباما الذي أراد بتصريحاته نفي أية مشاعر أو احاسيس انسانية واخلاقية تمس الصراع في الشرق الأوسط وبخاصة قضية فلسطين. سارع أمام عتاة الصهيونية العالمية للادلاء بما في دلوه طمعاً بدعم ايباك له.
على كل سواء انتصر اوباما الديمقراطي أو منافسه الجمهوري في الانتخابات فاننا نستبعد حدوث تغييرات جذرية بالموقف الرسمي الأمريكي من قضية الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية المسلوبة. لأن الإدارات الأمريكية المتعاقبة التزمت وما زالت تلتزم بالكيان الصهيوني، كما تقوم بمده بكل شرايين الحياة والتفوق على جيرانه العرب. وقد اثبتت التجارب منذ احتلال فلسطين سنة 1948 وحتى يومنا هذا أن الولايات المتحدة الأمريكية وقفت ضد الفلسطينيين وحقوقهم ، وأكثر من ذلك ساهمت في عملية ترويع وذبح الشعب الفلسطيني سياسياً واعلامياً وأمنياً وعسكرياً. إذ إن مساعداتها العسكرية والسياسية والاعلامية والأمنية والاقتصادية للكيان الصهيوني مستمرة وتزداد سنة بعد أ&&&. وهناك حروب صهيونية خاضتها الولايات المتحدة الأمريكية نيابة عن الاحتلال الصهيوني مثل حرب الخليج الثانية ثم احتلال وتدمير العراق. وازاحته كقوة اقليمية عربية من المواجهة مع العدو الصهيوني. وأكثر من ذلك استطاعت الولايات المتحدة الامريكية تدجين كثير من الأنظمة العربية عبر ضمها الى جانبها في سياساتها في المنطقة. كما ساهمت في جر بعضها لتوقيع اتفاقيات سلمية مع الصهاينة بدون مقابل منطقي. حدث هذا مع الطرفين الأردني و الفلسطيني. أما الأخير صاحب القضية الاساسية والمركزية فيعتبر الطرف الأضعف في العملية برمتها. حيث قدم تنازلات مؤلمة وخطيرة لا تليق بنضالات شعبه وتضحياته عبر سنوات طويلة من النضال الوطني المرير.
استطاعت بلاد باراك اوباما جعل الرئيس المصري الراحل أنور السادات يقوم بزيارة القدس المحتلة والتحدث في الكنيست الصهيوني ثم توقيع اتفاقيات "سلام" مع الكيان الدخيل. حيث ا&&&ت بعدها مصر من المعادلة. وتم تفتيت الموقف العربي.ثم ما لبثت أن جرت الدول العربية الى التطبيع مع الصهاينة. لذا نشهد هذه الايام وجود مكاتب وممثليات وقنصليات وسفارات صهيونية في عدة دول عربية من المحيط الى الخليج. كذلك معاملات وتبادلات مالية وتجارية وثقافية واعلامية.
ليصرح أوباما كيفما تريد الصهيونية العالمية، وليقل إن القدس ستبقى عاصمة موحدة للدولة اليهودية أي للكيان الصهويني. وليطالب الدولة الفلسطينية القادمة بضمان أمن اسرائيل. لكن أليس هذا بالشيء العجيب والمعيب ؟. يطلب المرشح لرئاسة أكبر وأقوى دولة في العالم من دولة غير موجودة، وفي حال قيامها لن تشبه اي دولة أ&&&، وقبل قيامها ، هذا إن قامت بضمان امن أقوى دولة عسكرية في المنطقة. الدولة التي أجبرت كثير من الأنظمة العربية على الاعتراف بها دون مقابل. كما لديها مئات الرؤوس النووية والقنابل الذرية..وترسانة عسكرية ضخمة. إن المنطق غير موجود كما لغة العقل في الخطاب الأمريكي الرسمي والحزبي. وسيبقى هذا الأمر مهيمناً على السياسة الأمريكية مادامت الأمة العربية في سبات. ومادامت جيوش الاحتلال الأمريكي تستخدم البلاد العربية لضرب العرب والمسلمين. ومادات القواعد الأمريكية تنتشر في بلاد العرب.
أوباما الذي يحلم بدخول البيت الابيض كأول رئيس أسود في تاريخ أمريكا المليء بالبشاعات والممارسات العنصرية والاضطهاد والاستعباد ضد قومه السود. يتنكر للمظلومين في العالم. ويقف كما كل جلاد أمريكي استعبد السود وعذب واباد الهنود وتبنى موقف الصهيونية و " دولة اليهود". ليقول انه عارض مشاركة حماس في الانتخابات التشريعية خلال عام 2006. وهو الآن يقدم النصائح للفلسطينيين بعدم مساندة الارهاب. وابعد من ذلك يطالب مصر حليفة بلاده بوقف تهريب الأسلحة الى غزة. ويؤكد على معارضته لسيطرة حماس على غزة وكذلك لأي تفاوض معها طالما أنها لا تعترف بإسرائيل وتريد إزالتها من الوجود.أوباما قال أيضاً مخاطباً عتاة الصهيونية العالمية : "عندما أزور إيباك فإنني بين أصدقاء حقيقيين.. يؤكدون أن العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل تتجاوز المصلحة الوطنية وتتجسد في القيم المشتركة التي تجمع البلدين".
في رسالة وجهها عبر ايباك الى ايران وسوريا وحزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية وقوى الممانعة في المنطقة قال أوباما إن أي تهديد لإسرائيل هو تهديد لأمريكا وإنه في حال فوزه بالرئاسة سيضمن التفوق النوعي لإسرائيل في الشرق الأوسط وقدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها من غزة إلى طهران، وتقديم الدعم العسكري لإسرائيل بنفس المستوى الذي تقدمه أمريكا لحلفائها في الناتو. واتهم سوريا بدعم الارهاب وبسعيها لامتلاك اسلحة دمار شامل. وقال انه سيدعم اسرائيل في مفاوضاتها مع سوريا. ولم يغب عن باله التذكير بالخطر الايراني على اسرائيل. ووصفه بالكبير والخطير نتيجة وجود رئيس ايراني يريد مسح اسرائيل من الخريطة. واعتبر ذلك تهديداً لأمن اسرائيل وامريكا على السواء. كما اعتبر أوباما أن إيران تمثل خطرا حقيقيا في الشرق الأوسط وتعهد بمنعها من امتلاك أي سلاح نووي. وقال "سوف أفعل كل ما يمكنني أو أي شيء لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي". لكن ماذا يا سيد أوباما عن سلاح اسرائيل النووي والبيولوجي والكيميائي والذري؟
أوباما الذي التزم بكل الثوابت الصهيونية بل ظهر في خطابه صهيونياً حتى النخاع تذكر قبل ان ينهي خطابه أن هناك عملية سلام قائمة في المنطقة ترعاها بلاده. فقال مستدركاً : " إنه سيعمل على إحلال السلام في الشرق الأوسط وأنه سيعمل على إيجاد حل الدولتين لحل الصراع بين الفلسطينيين والاسرائيليين وأنه سيبدأ في ذلك في الأيام الأولى من رئاسته ولن ينتظر حتى نهاية ولايته.
أوباما إذا قدر لك واصبحت رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية نعتقد أنك لن تكون أفضل من الذين سبقوك للبيت الأبيض فخطاب الطاعة أمام الأسياد في ايباك واضح جداً.
ترى هل سيفهمه العرب الذين ضاعوا والآخرين الذين باعوا...